الرئيسية
جاءت الحرائق التي تعرضت لها غابة الشهيد وصفي التل اخيرا ، لتشكل قلقا حقيقيا وخطرا كبيرا على الثروة الحرجية في المملكة ، حيث تتعدد وسائل بعض الخارجين عن القانون والعابثين بمقدرات الوطن ، ومنها افتعال الحرائق في الغابة قبيل بدء فصل الشتاء ، ثم القيام بقطع بقايا الشجر التالف بعد ان تتم عمليات الاطفاء ليصار الى بيعه.
المحزن اكثر ان غابة الشهيد التل التي اقيمت تخليدا لذكراه ، تعتبر ثروة حقيقية من اشجار الأرز التراثية التي يزيد عمرها على الاربعين عاما ، وقد زرع اول اشجارها رئيس الوزراء في مطلع السبعينيات احمد اللوزي الذي قال عن الشهيد وحبه للارض وناسها ان "وصفي مجبول على المحبة لارض الوطن وناسه ، رقيق الأحاسيس ، عفوي التصرف مع كل الناس ، رقيق الحاشية ، ذو دعابة ، ذو مزاح ، تطيب الحياة معه ، وتزهو به.. حبه للأرض عشق" ، مترحما على شاعر الأردن عرار الذي لم يترك جبلاً ولا سهلاً ولا غوراً ولا بادية ولا مدينة ولا حاضرة إلا تغزل بها ، ولا عشباً ولا خربوشاً ولا نواراً ولا دحنوناً ولا زعتراً ولا خبيزة إلا تغزل به وعشقه.
واضاف اللوزي ان هذا الحب لدى وصفي ترجمه زراعة ،"وكان يتصور أنه لوجيء بطائرات هيلوكبتر ونثرت بذور الشجر يجب أن يكتسى الأردن بالغابات".
ويضيف اللوزي قائلا: "أما أنا ماذا صنعت؟ التمست من سيدنا المغفور له الملك الحسين سنة وفاة وصفي أن تحول مخيمات الحسين للعمل هذه السنة لوصفي ، وزرعنا غابة وصفي التل ، تلك الغابة أكبر غابة مطلة على سد الملك طلال ، ترنو إلى عجلون وجبال الشمال ، من جنبها حوض البقعة".
وزارة الزراعة
وفي هذا الخصوص اكد مدير الحراج في وزارة الزراعة المهندس محمد الشرمان ان المديرية تعمل جاهدة على حماية كافة الغابات الحرجية في المملكة ، من خلال الحراسات المستمرة على مدار الساعة وتوفير محطات طوارىء واطفاء بالتعاون مع مديرية الدفاع المدني ، بالاضافة للرعاية الدائمة لها.
وبين الشرمان ان الغابات الحرجية بشكل عام ومن ضمنها غابة الشهيد وصفي التل مستهدفة من قبل بعض العابثين الذين يمارسون التحطيب الجائر بصورة مخالفة للقانون دون ان يقدروا معنى الثروة الحرجية واهميتها ، بالاضافة لبعض المستهترين الذين يقومون باشعال النيران بها بشكل متكرر ، مشيرا الى قيام المديرية بحملات متواصلة لازالة الاخشاب اليابسة اوالمحترقة من الغابات.
ولفت الشرمان الى ان المديرية تكثف من اجراءاتها لحماية هذه الثروات بالاضافة لقيامها ومن خلال الخبراء والمختصين بمحاولة زراعة اشجار جديدة بدل الذي يتم اتلافه بفعل العبث والحرائق والتحطيب الجائر ، ذلك بعد الكشف على الموقع واذا اثبتت عمليات الكشف عن وجود تجدد طبيعي للتربة ، خاصة وان الحرائق تتلف اعماق التربة وتلحق اذى كبيرا بها.
اتحاد المزارعين
من جهته ، اشار مدير عام اتحاد المزارعين المهندس محمود العوران الى ان للشهيد وصفي التل في وجدان الاردنيين ، منزلةً كبيرة ، فهو أغنية فخر ونبل وشهامة ورجولة ، تتردد في ارجاء الوطن ، مبينا ان صورة وصفي لن تغيب حتى لو احترقت بالكامل الغابة الكبيرة التي تحمل اسمه ، وهي ستظل رمز وفاء الاردنيين لذكراه ، فهو عاشق الارض الذي آمن بضرورة أن يكون الاردن أخضر ، وعمل من أجل ذلك.
وطالب العوران بإعادة تشجير المساحات التي طاولتها النيران في غابة الشهيد وصفي ، وأن تزيد مساحتها أوتضاعفها ، لتظل شاهداً على وفاء الاردنيين للرجل الذي جاد بدمه الارجوان في سبيل الوطن والأمة ، ذلك بالمباشرة بحملة وطنية شاملة ، وتعزيز اجراءات حماية هذه الغابة التي تضم الاف اشجار الارز التراثية التي تزيد اعمارها على (40) عاما.
ونوه العوران بان هذه الحرائق سيكون لها اكبر الضرر على البيئة ، وصورة الأردن الحضارية ، وعلى الزراعة الحرجية في المملكة ، مقترحا ان يتم الاسراع في اقامة سياج اسمنتي على امتداد الغابة وتحويلها الى متزه قومي مفتوح للمواطنين وباشراف القطاع العام اوالخاص على غرار متنزه عمان القومي ، لتكون معلما جماليا خلابا خالدا يحمل اسم الشهيد التل الذي احب الارض وعمل من اجل اردن اخضر في اهتمامه الدائم بالطبيعة والزراعة.